طالب العلم وكتب العلل -1-

‏طالب علم الحديث الذي يقرأ في “كتب العلل” للأئمة النقاد ليعرف أحكامهم النهائية على الأحاديث، دون أن يتأمل طريقتهم في الإعلال، ومنهجهم في مقارنة المرويات، ومسالكهم في الترجيح؛ فقد خسر أعظم ما في كتب العلل.

‏إن أول مقصد للقارئ الجيد: أن يربط النتائج بالمقدمات والأحكام بالقواعد؛ بمعنى أن يكون مهمومًا بسؤال “كيف” وصل الناقد إلى الحكم، لا بسؤال “ما” هو حكم الناقد.

فالأول يسعى إلى تفهُّم الصنعة وأسرارها ومناهج حذاق النقاد في إعلال الأخبار؛ ليكون قادرًا على مشاركتهم فيما يُحتاج إليه ‏كالموازنة بين أقوالهم إذا اختلفوا، وربما رجّح إذا توفرت لديه الأهلية، واستدل لما يراه راجحًا، وناقش القول المرجوح، وقد يصدر أحكامًا على أحاديث لم تبلغنا أحكام النقاد فيها، أو يتكلم في رواةٍ لم تصلنا أقوالهم فيهم.

أما الثاني فهو مجرد مقلد اكتفى من الوليمة بالعظام.

‏إن كتب العلل تصقل عقلية طالب علم الحديث وتبني فيه الملَكة النقدية، هي كتب تأسيس نقدي لا مجرد أحكام نقدية، هي مفاتيح صناعة الناقد فإن فُتحت له وإلا فالباب مغلق والطريق مسدود.

Scroll to Top