حديث حذيفة في تأخير السحور

مسند أحمد:

23400 – حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ (2) قَالَ: قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ: أَيُّ سَاعَةٍ تَسَحَّرْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: ” هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ ” (3)

شعيب: رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم -وهو ابن بهدلة- فهو صدوق حسن الحديث، لكنه قد خولف كما سلف بيانه عند الرواية السالفة برقم (23361) . سفيان: هو الثوري.

وأخرجه النسائي 4/142 من طريق وكيع، بهذا الإسناد.

حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: تَسَحَّرْتُ ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَمَرَرْتُ بِمَنْزِلِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِلَقْحَةٍ فَحُلِبَتْ، وَبِقِدْرٍ فَسُخِّنَتْ، ثُمَّ قَالَ: ” ادْنُ فَكُلْ “، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَقَالَ: ” وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ “، فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ قَالَ حُذَيْفَةُ: ” هَكَذَا فَعَلَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “، قُلْتُ: أَبَعْدَ الصُّبْحِ؟ قَالَ: ” نَعَمْ، هُوَ الصُّبْحُ غَيْرَ أَنْ لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ “، قَالَ: وَبَيْنَ بَيْتِ حُذَيْفَةَ، وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ كَمَا بَيْنَ مَسْجِدِ ثَابِتٍ وَبُسْتَانِ حَوْطٍ، وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ أَيْضًا، وَقَالَ حُذَيْفَةُ: ” هَكَذَا صَنَعْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَعَ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” (2)

تعليق الشيخ شعيب الأرناؤوط:

(2) رجاله ثقات غير عاصم بن بهدلة، فهو صدوق حسن الحديث، لكنه قد خولف في رفع الحديث، فقد رواه من هو أوثق منه فوقفه، وقال النسائي كما في “تحفة الأشراف” 3/32: لا نعلم أحداً رفعه غير عاصم.

وأخرجه الطحاوي في “شرح معاني الآثار” 2/52، وفي “شرح المشكل” (5505) من طريق روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن ماجه (1695) ، والبزار (2910) ، والطبري في “تفسيره” 2/175 من طرق عن عاصم بن بهدلة، به. وعندهم الحديث مختصر إلا في رواية عند الطبري.

وسيأتي من طريق عاصم بن بهدلة بالأرقام (23392) و (23400) و (23442) . == وقد خولف عاصم بن بهدلة في رفعه، فأخرجه النسائي 4/142 عن بندار، عن غندر، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش قال: تسحرتُ مع حذيفة ثم خرجنا إلى الصلاة، فلما أتينا المسجد صلَّينا ركعتين، وأُقيمت الصلاة وليس بينهما إلا هُنيهة. فذكره موقوفاً وإسناده صحيح على شرط الشيخين. قال النسائي: لا نعلم أحداً رفعه غير عاصم، فإن كان رفعه صحيحاً فمعناه: أنه قرب النهار كقوله تعالى: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) الآية [البقرة: 234] معناه: إذا قاربن البلوغ، وكقول القائل: بلغنا المنزل، إذا قاربه.

وأخرجه موقوفاً أيضاً 4/142-143 عن عمرو بن علي، عن محمد بن فُضيل، عن أبي يعفور عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، عن إبراهيم النخعي، عن صلة بن زفر، قال: تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى المسجد، فصلَّينا ركعتي الفجر، ثم أُقيمت الصلاة فصلَّينا. وإسناده صحيح على شرط الشيخين أيضاً.

وأخرج ابن أبي شيبة 3/10 عن الفضل بن دكين، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، عن أبي الطفيل أنه تسحر في أهله في الجبانة ثم جاء إلى حذيفة، وهو في دار الحارث بن أبي ربيعة فوجده فحلب له ناقة، فناوله فقال: إني أريد الصوم.

فقال: وأنا أُريد الصوم. فشرب حذيفة وأخذ بيده فدفع إلى المسجد حين أقيمت الصلاة. وإسناده قوي.

ورواه عبد الرزاق (7606) من طريق عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة أنه انطلق هو وزر إلى حذيفة. فذكر نحوه.

وأخرج الطبري 2/173 من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، عن أبيه، قال: خرجت مع حذيفة إلى المدائن في رمضان، فلما طلع الفجر، قال: هل منكم من أحد آكل أو شارب؟ قلنا: أما رجل يريد أن يصوم فلا. قال: لكني! قال: ثم سرنا حتى أستبطأنا الصلاة، قال: هل منكم أحد يريد أن يتسحر؟ قلنا: أما من يريد الصوم فلا. قال: لكني. ثم نزل فتسحر ثم صلَّى.

قلنا: وانظر لزاماً كلام الإمام أبي بكر الرازي في “أحكام القرآن” عن حديث حذيفة هذا، والإمام الطحاوي في “شرح معاني الآثار” 2/54. وقال الإمام النووي في “شرح المهذب” 6/305: وهذا الذي ذكرناه من الدخول في الصوم بطلوع =

= الفجر، وتحريم الطعام والشراب والجماع به، هو مذهبنا ومذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. قال ابن المنذر: وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس وعلماء الأمصار، قال: وبه نقول.

23442 – حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: قُلْتُ: ـ يَعْنِي لِحُذَيْفَةَ ـ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَسَحَّرْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: ” نَعَمْ “، قُلْتُ: أَكَانَ الرَّجُلُ يُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ؟ قَالَ: ” نَعَمْ، هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ ” (1)

  1. رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم بن أبي النجود، فهو صدوق حسن الحديث، لكنه قد خولف فيه كما سلف بيانه عند الرواية رقم (23361) ، وغير شريك بن عبد الله -وهو النخعي- فهو سيئ الحفظ، لكنه قد توبع.

مسند البزار:

2910 – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالطُّوسِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «تَسَحَّرْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ» [ص:312] وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ حُذَيْفَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ

شرح مشكل الآثار:

5503 – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ – يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى السُّحُورِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَالَ: ” هَلُمُّوا إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ “

5504 – وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ , عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” عَلَيْكُمْ بِهَذَا السُّحُورِ، فَإِنَّمَا هُوَ الْغَدَاءُ الْمُبَارَكُ ” فَقَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى السُّحُورُ غَدَاءً، وَإِنَّمَا سُمِّيَ سُحُورًا؛ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ فِي السَّحَرِ، وَسُمِّيَ الْغَدَاءُ غَدَاءً؛ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِالْغَدَاءِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خِلَافُ صَاحِبِهِ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ السُّحُورِ، وَمِنَ الْغَدَاءِ كَمَا ذَكَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا سُمِّيَ بِاسْمِ صَاحِبِهِ لِمُجَاوَرَتِهِ إِيَّاهُ، وَلِقُرْبِهِ مِنْهُ، فَسُمِّيَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بِاسْمِهِ. [ص:126] فَقَالَ: وَلِمَ لَا حَمَلْتُمُوهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ حُكْمُ الصِّيَامِ فِيهِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا، فَذَكَرَ فِي ذَلِكَ

5505 – مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: تَسَحَّرْتُ ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَمَرَرْتُ بِمَنْزِلِ حُذَيْفَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِلِقْحَةٍ فَحُلِبَتْ، وَبِقِدْرٍ فَسُخِّنَتْ، ثُمَّ قَالَ: ” كُلْ، فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الصَّوْمَ قَالَ: فَأَكَلْنَا ثُمَّ شَرِبْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ صَنَعْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: بَعْدَ الصُّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ، بَعْدَ الصُّبْحِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ ” [ص:127] قَالَ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَسَمَّاهُ غَدَاءً عَلَى مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتَ، وَأَنَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ غَدَاءٌ، وَتَصْحِيحُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ: أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ السُّحُورِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يُسَمَّى سُحُورًا، وَإِنْ كَانَ غَدَاءً لِقُرْبِهِ مِنَ السُّحُورِ، وَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنَ الْغَدَاءِ إِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ سُمِّيَ غَدَاءً لِقُرْبِهِ مِنَ الْغَدَاءِ، فَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآثَارُ، حَتَّى لَا يَدْفَعَ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَا يُضَادَّ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

ابن ماجه:

1695 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ

عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: تَسَحَّرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ (1).

(1) شاذ مرفوعًا، عاصم -وهو ابن بَهْدلة- صدوق حسن الحديث، لكنه قد خولف في رفع الحديث، فقد رواه مَن هو أوثق منه فوقفه على حذيفة، وهو الصواب، وقال النسائي كما في “تحفة الأشراف” (3325): لا نعلم أحدًا رفعه غير عاصم. وقال ابن القيم في حاشيته على “مختصر سنن أبي داود” 6/ 341: معلول وعلته الوقف.

وأخرجه النسائي 4/ 142 من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، به.

وهو في “مسند أحمد” (23361).

وأخرجه موقوفًا النسائي 4/ 142 من طريق عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، قال: تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى الصلاة، فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين، وأقيمت الصلاة وليس بينهما إلا هُنيهة. وإسناده صحيح.

وأخرجه موقوفًا كذلك 4/ 142 – 143 من طريق صلة بن زفر، عن حذيفة، بنحو رواية عدي بن ثابت.

قلنا: وفعل حذيفة هذا مما انفرد به ولم يتابع عليه، فإن ابتداء الصوم بطلوع الفجر وتحريم الطعام والشراب والجماع به هو مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وعليه الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة.

أحاديث معلة ظاهرها الصحة:

مسند حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه

117 –قال النسائي رحمه الله (ج4ص142) : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ أَيَّ سَاعَةٍ تَسَحَّرْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ قَالَ هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ.

هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده حكمت عليه بالحسن، لكن النسائي رحمه الله عقبه بطريقين تدلان على أن الصحيح وقفه على حذيفة والمتن أيضا مغاير فقال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ قَالَ

تَسَحَّرْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا هُنَيْهَةٌ.

أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْفُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ

تَسَحَّرْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّيْنَا.

قال الحافظ المزي في “تحفة الأشراف”: قال النسائي لا نعلم أحدا رفعه غير عاصم، ثم ذكر النسائي تأويله على فرض صحته.

قال أبو عبد الرحمن: لا يُحتاجُ إلى التأويل الذي ذكره الإمام النسائي رحمه الله، فإن الأثرين الذين بعده يدلان على أن عاصماً ما حفظ.

وقد قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ” شرح علل الترمذي”: بعد ذكره عاصماً: كان حفظه سيئاً وحديثه خاصة عن زر، وأبي وائل مضطرب، كان يحديث بالحديث تارة عن زر، وتارة عن أبي وائل.

قال حنبل بن إسحاق: نا مسدد أبو زيد الواسطي عن حماد ابن سلمة قال: ((كان عاصم يحدثنا بالحديث الغداة عن زر، وبالعشي عن أبي وائل)

قال العجلي: ((عاصم ثقة في الحديث، لكن يختلف عليه في حديث زر وأبي وائل) اهـ

. قال أبو عبد الرحمن: وحديث عاصم بن أبي النجود يزداد ضعفاً أنه خالف ظاهر قول الله تعالى (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) .

وحديث عائشة المتفق عليه وفيه (ولا يؤذن حتى يطلع الفجر) وفيه (فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) .

النسائي الكبرى:

تَأْخِيرُ السُّحُورِ وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى زِرٍّ فِيهِ

2152 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَيَّ سَاعَةٍ تَسَحَّرْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «هُوَ النَّهَارُ إِلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ

2153 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، قَالَ: «تَسَحَّرْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا هُنَيْهَةٌ»

2154 – أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْفُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، قَالَ: «تَسَحَّرْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّيْنَا»

الكامل في ضعفاء الرجال

حدثنا أحمد بن الحسين الصوفي، أخبرنا الجراح بن مخلد، أخبرنا أبو داود، أخبرنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن حذيفة، قال: قلت له في السحور: أي ساعة هو؟ قال: هو النهار غير أن الشمس لم تطلع.

قال شعبة: جاء بالطامة الكبرى، رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

الأباطيل للجورقاني (معتمد) (2/ 133)

باب: ذكر تأخير السحور

496 – أخبرنا أبو محمد الصوفي، أخبرنا القاضي أبو نصر، أخبرنا أبو بكر السني، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي، أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب، أخبرنا وكيع، عن عاصم، عن زر، قال: قلنا لحذيفة: ” أي ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع “.

هذا حديث منكر، وقول عاصم «هو النهار إلا الشمس لم تطلع» خطأ منه، وهو وهم فاحش لأن عديًّا عن زر بن حبيش بخلاف ذلك، وعدي أحفظ وأثبت من عاصم.

في خلاف ذلك

497 – أخبرنا عبد الرحمن بن حمد بن الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن شعيب، حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب، قال: حدثنا شعبة، عن عدي، قال: سمعت زر بن حبيش، قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى الصلاة، فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين، وأقيمت الصلاة، وليست بينهما إلا هنيهة» .

هذا حديث حسن، رواه إبراهيم، عن صلة بن زفر.

498 – أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد، أخبرنا بن محمد، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا أبو يعفور، قال: حدثنا إبراهيم، عن صلة بن زفر، قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى المسجد، فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصلاة»

تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (3/ 31)

3325 -[س ق] حديث: قلت لحذيفة: أي ساعة تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.

س في الصوم (10: 1) عن محمد بن يحيى بن أيوب , عن وكيع , عن سفيان , عن عاصم , عنه به. و (10: 2) عن ابن بشار , عن غندر , عن شعبة , عن عدي بن ثابت , عن زر , قال: تسحرت مع حذيفة … فذكره – ولم يرفعه. و (10: 3) عن عمرو بن علي , عن ابن فضيل , عن أبي يعفور , عن إبراهيم , عن صلة بن زفر , قال: تسحرت مع حذيفة … الحديث – ولم يرفعه. قال: س (لعله في الكبرى) : لا نعلم أحدا رفعه غير عاصم فإن كان رفعه صحيحا فمعناه: أنه قرب النهار , كقول الله عز وجل: فإذا بلغن أجلهن (65: 2) معناه: إذا قاربن البلوغ؛ وكقول القائل: بلغنا المنزل إذا قاربه.

ق فيه (الصوم 23: 2) عن علي بن محمد الطنافسي , عن أبي بكر بن عياش , عن عاصم , عنه به.

خلاصة الكلام على الحديث

الذي يظهر من كلام أهل العلم على الحديث اجتماعهم على أن عاصما هو من تفرد بهذه الرواية، أي رواية تأخير السحور إلى ما بعد طلوع الفجر الصادق مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خالفه في هذه الرواية عدي فلم يرفعها ولم يجعلها بعد طلوع الفجر الصادق، وكذلك ابراهيم عن صلة بنفس المعنى، إضافة إلى مخالفة هذه الرواية للروايات في الصحيحين.

والذي يظهر من هذا الحديث اهتمام أهل العلم بتفرد الصدوق أي روايته ما يخالف به غيره من الثقات واعتبار هذا شذوذا وليس مجرد زيادة في الحديث، أو حديثا آخر يقبل، بل إنهم كانوا ينظرون في الأحاديث الواردة في هذا المعنى ويجمعون الروايات المخالفة ويعتبرون بها في الحكم على شذوذ الراوي.

كما يظهر في دراسة هذا الحديث أيضا نظر الناقدين إلى معنى الحديث واعتباره أثناء الحكم عليه، وفي حالتنا هذه جاء الحديث بمعنى مخالف تماما لما جاء في الأحاديث الصحيحة الصريحة التي اختارها أهل العلم واعتمدوا عليها.

وأما من الناحية الفقهية فقد نقل غير واحد اجتماعهم على أن الأكل والشرب مباح إلى طلوع الفجر الصادق فحسب، وأما الأكل بعده فشاذ غير معتبر، وقد قال بعضهم أن حديث حذيفة ومثله من الأحاديث أو فعل البعض يحمل على أن الأمر كان غير معروفا في أول الإسلام أو أنهم لم يبلغهم الخبر في ذلك، وما يهمنا هو شذوذ الحديث لمخالفته غيره مع شذوذ المعنى الذي رواه لمخالفته الروايات الصحيحة.

Scroll to Top