حديث أبي هريرة قال : "إن للصلاة أولاً و آخراً ".
رواه الأعمش واختلف عنه : رواه ابن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخالفه سائر أصحاب الأعمش فرووه عن الأعمش عن مجاهد قوله. ومنهم : زائدة وأبو إسحق الفزاري وعبثر بن القاسم وغيرهم .
أقوال النقاد:
* قال البخاري : "وهم ابن فضيل في حديثه, والصحيح هو حديث الأعمش عن مجاهد" . وقال في موضع آخر :"حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش ، وحديث محمد بن فضيل خطأ, أخطأ فيه" .
* وقال ابن معين: " إنما يروى عن الأعمش عن مجاهد" , وقال :" رواه الناس كلهم عن الأعمش عن مجاهد مرسلاً " .
* وقال أبو حاتم الرازي : " هذا خطأ ، وهم فيه ابن فضيل , يرويه أصحاب الأعمش عن الأعمش عن مجاهد قوله " .
* وقال الدارقطني : "هذا لايصح مسنداً ، وهم في إسناده ابن فضيل وغيره يرويه عن الأعمش عن مجاهد مرسلاً ". وقال في حديث زائدة : " وهو أصح من قول ابن فضيل وقد تابع زائدة عبثر بن القاسم" .
* وقال العقيلي في رواية زائدة :" وهذا أولى" .
* وقال ابن نمير :" حديث محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في المواقيت ليس له أصل " .
* وقال ابن عبد البر:"هذا الحديث عند جميع أهل الحديث حديث منكر, وهو خطأ لم يروه أحد عن الأعمش بهذا الإسناد إلا محمد بن فضيل وقد أنكروه عليه " .
قلت: ذكر الألباني هذا الحديث من رواية ابن فضيل ولم يذكر من خالفه , غير أنه بين وجود خلاف بذكره أن العلماء أعلوه . قال فيه : " وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، وقد أعلوه بأن غير ابن فضيل من الثقات قد رووه عن الأعمش عن مجاهد مرسلاً ، وهذه ليست بعلة قادحة ، لاحتمال أن يكون للأعمش فيه إسنادان أحدهما : عن أبي صالح عن أبي هريرة . والآخر : عن مجاهد مرسلاً. ومثل هذا كثير في أحاديث الثقات ، فمثله لا يرد الحديث لا سيما وكل ما فيه قد جاء في الأحاديث الصحيحة , فليس فيه ما يستنكر . وقد بسط القول في رد هذه العلة المحقق العلامة أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي فأجاد " .
ويوقفنا هذا المثال على ثلاث قضايا منهجية في منهج الشيخ :
أولا : ما نحن بصدده وهو الحكم على ظاهر الإسناد , فأمثال هؤلاء النقاد ألا يعرفون ثقة ابن فضيل ؟ بلى فهم من نص عليها كابن معين وأبي حاتم وغيرهما.
ثانيا : أن الشيخ يعتمد في تصحيح الطريق على صحة متنه وذلك في قوله : " لا سيما وكل ما فيه جاء في الأحاديث الصحيحة " . قلت : فغالب ما في كتب العلل من متون جاءت بها الأحاديث الصحيحة فهل هذا ينفي العلة عنها . فالطريق إلى العلة لا يمر بصحة المتن من هنا وجدنا العلماء يفرقون بين الحكم على المتن والحكم على السند.
ثالثا : مخالفته اجتماع هؤلاء على علة حديث ؛_ فالحديث الذي يعلله البخاري وابن معين وأبو حاتم وابن نمير والدارقطني والعقيلي وابن عبد البر لو اجتمع على تصحيحه أهل هذا العصر قاطبة لما قبل منهم .
______
الدكتور عبد السلام أحمد أبوسمحة / مساعد الأمين العام لندوة الحديث الشريف بدبي
قال أ. د.سلطان العكايلة
(( أظن أن الحديث الذي دار حوله نقاش الإخوة قدسرقه بعض الضعفاء وركب إسناده ثم لقّنه أبا التقى الحضرمي هذا سيما وأنه كان ضريراً يتلقن فتخلص سارقه من عهدته وصار الكلام في أبي التقى نفسه ورجع الحديث الى الأعمش الذي يعتبر المخرج لهذا الحديث ولهذا قال أهل العلم تفرد به راويه عن الأعمش واستغربه الحفاظ من حديث الأعمش لان كبار أصحابه لم يذكروه عنه . وفوق كل ذي علم عليم))
وقال أ. د.عبدالرزاق ابو البصل مؤيدا ذلك:
(( صدقت ، الأئمة من الدقة بمكان حينما يقولون لم يروه عن فلان الا فلان ، او تفرد به فلان عن فلان ، او لا يعرف الا من حديث فلان عن فلان كل ذلك لبيان ان المشكلة عند من بعد الا ، ومن قبلها الميزان فيه على كبار اصحابه ، وهم من اعرف الناس بكفية ولادة الاسانيد ، التي عبرت عنها في محاضرة الطبيعة النقدية لعلم الحديث بأنها تولد مثل الفطر فلا يغترون بها مهما كثرت لان الضعفاء والتلفى يسرق بعضهم من بعض فتتكاثر الطرق وتلد من بعضها ولا اصل لها ، واذا كانت مركبة على امام معتبر فيكون من قلة معرفتهم وخبرتهم فيكتشف التركيب بسهولة والله اعلم وكلام الدكتور سلطان في محله ))