عورة المرأة أمام المرأة

كثر الحديث حول هذا الموضوع وكثر الخلاف حوله، وسنناقش المسألة من خلال بضعة أسئلة نجيب عليها باختصار قدر الإمكان لتكون الصورة واضحة تماما دون تطويل :

1- ​​ ما هي عورة المرأة أمام المرأة ؟

عورة المرأة أمام المرأة تحددها الآية التالية في سورة النور (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

 

فهذه الآية أباحت إظهار الزينة – أي محل الزينة – مثل الساعد والعضد وأسفل القدم والنحر لأصناف جمعتها الآية لأن حكمها واحد فجمعت: الرجال المحارم مثل الأب وأبو الزوج وابن الأخت وابن الأخ، وذكرت أيضا النساء بغض النظر عن الخلاف في دخول غير المسلمات في هذا الصنف.

وأما الظهر والبطن والفخذ والكتف فليس موضعا للزينة فيحرم كشفه أمام النساء وأمام المحارم من الرجال.

وليس في الكتاب والسنة دليل صحيح صريح مثل هذه الآية.

 

2- ​​ ما تقول في قول الفقهاء بأن عورة المرأة بين السرة والركبة ؟

كلام الفقهاء بحاجة إلى النظر إليه من خلال نقطتين :

الأولى: عندما تحدث الفقهاء عن أن عورة المرأة أمام المرأة بين السرة والركبة فهذا إنما يكون عند الحاجة

مثال: امرأة تريد أن ترضع ابنها أمام النساء فلا بأس أن يظهر شيء من ثديها

مثال آخر: امرأة تغسل أرض الدار فاحتاجت من يصب الماء على أسافل أقدامها فلا بأس أن تكشف أرجلها إلى ركبتيها أمام أخيها أو ابن أخيها ليغسل قدمها

مثال ثالث: امرأة احتاجت من يساعدها في إزالة شعر الجسم من أطراف ظهرها أو أكتافها أو إبطها كما في عيادات التجميل بالليزر فمثل هذا جائز لا بأس به

الثانية: هذا التحديد من قبل الفقهاء لا يعني أنه يجوز أن تكشف المرأة هذا في كل حال، فعورة الرجل أيضا بين السرة والركبة ولكن هل يجوز أن يذهب الرجل إلى المسجد وهو يكشف ما عدا ذلك، أو حتى يلتقي بالضيوف أو يذهب للعمل بمثل هذا، بل هل تقابل المرأة ضيوفها وهي تلبس إزارا فقط مثلا؟ بالطبع لا وهذا لا يصدر حتى من عقلاء الكفار فما بالك بالمسلمين، فإظهار الثدي مثلا كاملا محرم حتى في القوانين الغربية التي لا تلقي للحياء بالا، فكيف يعقل أن يكون هذا من شريعتنا والتي جعلت الحياء شعبة من الإيمان كما في الحديث.

فالكلام عن أن عورة الرجل أمام الرجل من السرة للركبة هو إنما يكون في أحوال الحاجة والحالات الخاصة، فهناك قدر زائد عن ما يتحدث عن الفقهاء وهو الحياء والمروءة وهم لا يذكرونه في كتبهم باعتبار أنها متعلقة بالمسائل العملية، وأن الحياء مسألة أخرى ليس هذا بابها.

وإذا كانت الآية قد أمرت النساء بضرب الخمر – وهي أغطية الرأس – على الجيب – وهو المنطقة المحيطة بالرقبة من الثوب -، ونهت عن ضرب الأرجل في حضرة الرجال حتى لا يسمع صوت الخلخال غير الظاهر أصلا، هل يعقل أن تدعو الشريعة بمثل هذا المستوى من الحشمة ثم تبيح كشف الصدر والبطن؟

3- ​​ ألا يجزئ الأخذ بمثل هذا القول ؟

الأخذ بمثل هذا لا يجزئ، وليس بحجة عند الله، لأنه جار على غير مراد المتكلم به،فإنهم إنما أرادوا التوسعة عن الحاجة، والتي تتكشف وتتعلل بمثل هذا آثمة ولا شك، ولا ينفعها ذلك عند الله.

وغالب أدلة الفقهاء في مثل هذا أدلة فيها نظر بين حديث لا يصح، أو دلالة ضعيفة لا مجال للتفصيل فيها هنا، ولا بأس من التوسع في مثل هذا عن الحاجة، لا على الدوام.

4- ​​ ما حكم الملابس الضيقة التي تظهر العورة؟

لبس الملابس الضيقة التي تبين حجم المنطقة بين السرة والركبة له حكم كشفها وربما أشد، كما في حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن​​ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» رواه البخاري

فهؤلاء النسوة احتلن على الشرع بأن لبسن لباسا يصف أجسادهن كأنهن عاريات، إذن أن الأصل أن اللباس إنما هو لتغييب العورة حتى لا يبقى حاجة للناظر، وأما هؤلاء النسوة فلربما زادت فتنتها حتى على فتنتها عارية، فعلى هذا يحرم لبس البنطلونات الضيقة التي تصف عجز المرأة وعورتها المغلظة وحتى فخذيها فهذا مما لا يجوز بحال، كما يحرم لبس التنانير الضيقة القصيرة من باب أولى.

وبسبب مثل هذه المخالفات، نشأت ظواهر غريبة على مجتمعاتنا مثل تعلق النساء بالنساء, وأشياء أخرى لا يستحسن ذكرها هنا.

نسأل الله أن يتوفانا على الإيمان وأن يهدينا سواء السبيل وأن يرزقنا الحياء.

Scroll to Top